-
عبدالرحمن الحسون 5 years, 9 months ago
شارع الصناعة التاريخي
شارع الصناعة التاريخي ببريدة واحد من أهم الشوارع وشريان من شرايين مدينة بريدة قديماً والذي أنشأه الأمير حجيلان بن حمد آل أبوعليان في القرن الثاني عشر حتى ينمي البلدة ويطور من إقتصادها. ويقع الشارع قديماً في داخل سور الدريبي الأول والثاني بجوار قصر حجيلان وتسمى (ساحة القصر)، حيث كانت بريدة في ذلك الوقت تتكأ على ثلاث أثافي رئيسية: شارع الصناعة، و سوق داحس الذي الذي بناه والد الشاعر الفارس الأمير محمد العلي العرفج آل أبوعليان، و سوق قبة رشيد والذي أنشأه الأمير رشيد بن حجيلان آل أبوعليان وكانت هذه الثلاث مرتكزات هي المغذيات الإقتصادية الأساسية لمدينة بريدة آنذاك.
بدأ في هذا الشارع صناعة الأدوات البسيطة والمعدات ولوازم النجارة الخفيفة والمعدات الزراعية البدائية وصناعة الأواني المنزلية وأواني الطبخ ودلال القهوة العربية وادوات تحميص القهوة وقرب الماء ولوازم البادية والمزارعين واعمال النجارة وبقية الحرف المتعددة، حيث تخرج من هذا الشارع العشرات من الصناعيين وكبار رجال الأعمال والتجار الذين كانت بدياتهم من هذا الشارع التجاري.ومع تطور نهضة الحركة الصناعية بشكل عام في بريدة وتطور النشاط الفعلي للصناعة تطور هذا الشارع وصار يعج بالحركة والازدحام اليومي ومواد البناء ولوازم النجارة وادوات الزينة ومحلات المفروشات وبيع الستائر ولم يقتصر على هذه المحلات بل ان المكاتب الهندسية والخدمات العامة والعقارية والمقاولات كان لها نصيب أيضاً، ومع مرور الوقت شهد ظهور محلات متخصصة بالأجهزة التقنية الحديثة المتعددة حيث شهد مراحل التطور التاريخي لهذا الشارع وحدثت نقلة كبرى حيث صار شارع الصناعة تباع به الوسائل التقنية الحديثة وأجهزة المنازل التي غيرت وجهه ليصبح فيه أكبر الاسواق والمراكز التجارية الحديثة وأصبح يعج بالحركة والازدحام من المرتادين لما فيه من احتياجات الزبائن في اليوم الحالي.
يقول ابن بشر: ((كان حجيلان من أشد الناس حميّة لأهل بلدانه مع محبته لأهل هذا الدين و شدة نصرته له و لأهله))، كانت له سياسة حكيمة في توطين القادمين في البلاد فكان إذا ذُكِر له أن أجنبياً قدم إلى البلاد استدعاه و سأله : لماذا قدمت إلى بلادنا ؟ فإن قال قدمت للشغل، قال حجيلان : يا ابني شغل بلدنا لأهل بلدنا ثم قام بضيافته ثلاثة ايام و أعطاه زادا يعينه على الوصول إلى أي بلدة يختارها و أبعده عن البلد. و إن قال : إنما جئت لأسكن في البلاد و اكون من جماعتكم، قال له أهلا و سهلا ثم أعطاه قطعة من الأرض الصالحة للزراعة بدون مقابل، و يقول له : لك مهلة كذا و كذا من الوقت، إن أصلحتها فهي لك و إلا استرجعناها منك.
كان الأمير حجيلان بن حمد يهدف إلى تنشيط التجارة من جهة والقضاء على البطالة من جهة أخرى وانعاش اقتصاد مدينته بصورة أكبر فقدم الأمير كما يتحدث الرواة المال ومنح الأرض والدكاكين وأعطى الراحلة وأدوات الصناعة والتجارة وغيرها من متطلبات المهن وتبعاً لهذا الإجراء شهد اقتصاد بريدة وتجارتها حركة غير عادية في ذلك الوقت وانصرف الكثيرون إلى عمليات الاتجار والزراعة وتنامت المهن والحرف اليدوية فيها، وإستجابة لهذا البرنامج الإصلاحي الطموح إنفتح باب الهجرة إلى بريدة على مصراعيه، جاء إلى بريدة المهاجرون من داخل الجزيرة العربية وخارجها من البناءون والحرفيون ( الصناع والنجارون والدباغون والجزارون ).
أصبحت بريدة مقصداً وميداناً حراً للتجارة والزراعة والصناعة بأنواعها وأنماطها المختلفة فسجلت الأسواق فيها حضوراً لافتاً تحدث عنه المهتمون كثيراً إلى درجة أن الرواة يذكرون أنه في عهد إمارة حجيلان بن حمد التي استمرت قرابة الأربعين عاماً تم توسيع سور بريدة (العقدة) أو الحامية ثلاث مرات نظراً لتوسع حجم المدينة وزيادة عدد السكان فيها وازدهار الحياة بأوجهها المختلفة هذه السياسة المنبثقة من عقلية ورؤية فذة قبل ما يقارب العقدين ونصف من الزمن تحكي فعلاً جدارة الأمير حجيلان بن حمد في رسم صورة المستقبل وقدرته على الاضطلاع بمسؤولياته و استشعار دوره، فنظرية حجيلان بن حمد الاقتصادية تستحق التدريس في زمننا هذا وهي جديرة بالاهتمام والتقدير.
~~~شكراً لكم لقراءتكم هذه المقال ~~~
عبدالرحمن عبدالله ابراهيم محمد حسن الحسون آل أبوعليان العنقري التميمي
مراجع
١- “تحميل كتاب مسافات في ذاكرة رجل من بريدة ل موسى النقيدان | مكتبة ال كتب pdf”. كتب pdf.
٢- “شارع الصناعة التاريخي ببريدة وذاكرة الستينيات انتقل بروح تراثية لعصر التكنولوجيا”. جريدة الرياض.
٣- “وسط بريدة التجاري.. تمازج فريد بين البناء العصري ورائحة الماضي”. جريدة الرياض.
٤- الربدي، محمد بن صالح العبد الله، (1986). بريدة: دراسة في الخصائص الطبيعية والسكانية (الطبعة ط. 1). الرياض: مؤسسة دار الكتاب السعودي،.
٥- “على خطى العرب لولوة العرفج – يوتيوب التمدن”. الحوار المتمدن.
٦- حسن، منصور، أحمد بن (2005). بريدة: داخل الأسوار وخارجها. توزيع مؤسسة الجريسي للتوزيع والإعلان.
٧- كتاب من شعراء بريدة، تأليف سليمان بن محمد النقيدان.